من القلب علّها تصلُ القلب

من منّا لم تقع عليهِ مصيبةٌ يوماً ما، من منّا لم يستيقظ يوماً على وفاةِ شخص غالي أو خبرٍ أليم أو خسارةٍ فادحة أو غير ذلك من ابتلاءات الدارِ الفانية، سأتحدث اليوم عن الفقد الذي برأيي أنّه أصعب ما يمر على الإنسان.

حينما تفقدُ شخصاً عزيزاً عليك غالي جداً أب، أُم، أخ، زوج، ابن، صديق حميم تشعُر وكأن روحك تُقتلع من جذورها كما لو أنك أصبحت ريشة في مهب الريح، كما لو أن الدنيا برمتها أصبحت ضيقة خانقة كالحة لا لون فيها ولا طعم ولا روح.

لكن هذه دارٌ فانية لا بقاء فيها ولا خلود ولا يدوم إلا وجه الله سبحانه وتعالى.

فكيف إذاً يكُن بإمكاننا تخطي آثار الحُزن والألم؟ كيف يُمكننا الاستمرار في الحياة؟

الإجابة باختصارٍ شديد: الانشغال.

غالباً أنت لن تنسى من فقدت، بل ستكون صورته مُلازمة

 لخيالك لا تُفارقك أبداً، ستراه في كل مكان أينما ذهبت وجئت وكيفما التّفت، لكن عليك ألا تجعل أمر الذكرى يقف عند هذه النقطة بل يتجاوزها إلى الدعاء له والصدقة عنه.

ولعلاج نفسك من جُرحِ الحُزن العميق أشغل نفسك فيما تُحب وفيما ينفعك، ابتعد عن الوحدة بادئ الأمر إلا في حدود

الفضفضة للنفس وموازنة الأمور، ماعدا ذلك اختلط بمن تُحب، فذلك يُخفف عنك الألم.

تذكّر دائماً أن من فقدته عند عزيزٍ رحيمٍ كريمٍ لا يُمكن ولا بأي حالٍ من الأحوال أن تكون

أرحم أو أكرم منه فهدئ من روعك وادعو له بالقبول وادعو أن يجمعك الله به في عليّيّن على سُررٍ مُتقابلين،

واعمل على مُعالجة نفسك،  لا تدْع آثار الحزن تتخطى داخلك فتصل بك إلى إهمال واجباتك تجاه عائلتك أو عملك

فذلك لن ينفعك بل سيزيد حالتك سوء، كما أنك أنت الوحيد الذي تعلم ما أنسب طريقة لعلاجك من آثار الحزن، ابحث عن علاجك أياً كان ومارسهُ،

علاجك غالب الأمر سيكون شيئاً تُحبه وتُحب فعله وتنغمس بمُتعةٍ فيه قد يكون هواية تمارسها: رسم، تلوين، قراءة أو قد يكون فضفضة عن طريق الكتابة أو تسجيل صوتي، قد يكون مكان تُحب زيارته أو قد يكون السفر لمدينة تُفضلها وترتاح بها.

حاول أيضاً التواصل مع أشخاص مرّو بنفس ظرفك واسألهم كيف تخطو الأمر، ما الأمور التي ساعدتهم؟

قد تعتقد أنك الوحيد الذي مررت بهذه التجربة المُرّة ولكن ستكتشف الكثير من حولك مرّو بنفس الأمر.

افعل شيئاً، لا تستسلم للحُزن تذكّر أنّ هذه إرادة الله عزّ وجلّ وأنه سبحانه وتعالى الأعلم بالأصلح لنا.    

أسأل الله سبحانه وتعالى ألا يُريكم مكروه في غالي ولكنه حال الدنيا.  

شكراً لوقتك المبذول في قراءة التدوينة.. إن وجدت فائدة أو مُتعة فيما كتبت شاركها.

رد واحد على “من القلب علّها تصلُ القلب”

  1. هذا الحدث سوف يفتقد لك انسانه عزيزه عليك تربطك علاقه زوجية وفجأة وبقدرة الله تعالى انتقل الدار الاخرة بدون توديعه ،هنا ياتي الالم والحزن وتذكر الذكريات وملامح الوجه ومكانه اختفى فجاة بين العائلة والاولاد ،ويبداء التفكير كيف انك تواصل حياتك بدونه وتحمل كل المصاعب الحياه وتاخذ دور الاب والام في نفس الوقت لتربيه الاولاد ،يظل هناك هاجس وطيف يذكرك فيه حيث انك لايمكن ان تنساه ،وسوف تكابر وتتالم وتظل هناك غصه في حياتك التي لاتنتهي آلى الأبد ،ولكن هناك ايمان بالله عز وجل انه هو الذي يصرف هذا الكون وان له حكمة في هذه الاقدار سبحانه وتعالى وليعلم ان ما اخذالله منك الا عوضك الله خيرا.
    ربي إستودعتك قبراً ضمّ قلبي وروحي وأغلى ما فقدت ، اللهم أنِر قبر زوجتي بنور الجنة💔 رحمة الله عليك (وجدان)

    إعجاب

اترك رداً على تركي إلغاء الرد